بسم الله الرحمن الرحيم
تعد جامعة الامام جعفر الصادق (ع) من أكبر الجامعات الأهلية في العراق حيث تأسست عام ٢٠٠٤م في بغداد، وهي مركز للتقريب بين المذاهب والأفكار، ومدعاة لإشاعة مفاهيم التسامح والتعايش، وذلك لتوافر مناهجها على دراسات مقارنة في عقائد المسلمين وفقههم، الأمر الذي يرفع مستوى الأمن الثقافي في العقلية العراقية، وتحصينها من الاختراق الفكري والسياسي.
وكانت هذه الجامعة حلما يراود أذهان الكثير من العلماء، والمفكرين طوال عقود من الزمن، ولكن هذا الحلم أصبح حقيقة بعد التحول التاريخي، والتغيير السياسي الذي حصل في العراق عام ٢٠٠٣م، ومن البديهي أن الأمة كلما ابتعدت عن منابع الأصالة في العقيدة والتشريع والقيم الأخلاقية، تأكدت حاجتها إلى هذه المؤسسات العلمية الأصيلة، التي تزيل عنها ظلمة الجهل والتخلف، وتفتح لها آفاق العلم والوعي والمعرفة، وتحرر إرادتها من الخوف واليأس والتردد.
وعلى طول الفترة السابقة من حياة العراق لم يدرس فكر أهل البيت ومدرستهم طبقا للسبل والمناهج الأكاديمية، والعلمية المتطورة، بالشكل الذي يليق بحجم هذه المدرسة، وعمقها وامتدادها في الساحة العراقية، وهذا بحد ذاته يشكل حرمانا فكريا وروحيا لاتباع مذهب أهل البيت (ع) ومن ثم يشكل تعقيدا في الوضع الثقافي والسياسي والاجتماعي العام.
ولم تكن جامعة الامام جعفر الصادق (ع) مقتصرة على العلوم النقلية، أو خصوص الشرعية منها، بل تجاوزتها إلى العلوم الطبيعية، كما يشهد بذلك تلميذ الإمام الصادق (ع) عالم الكيمياء جابر بن حيان الكوفي.
فهذه الجامعة العتيدة المباركة لم تكن رقما يضاف إلى الارقام الأخرى في تسلسل الجامعات الأهلية في العراق، إنما هي عنوان مبارك يذكر بالأصالة والتراث، ويحفز مقومات الوعي والعلم والنهضة، ويتطلع إلى بناء الذات ونشر الثقافة والمعرفة وحفظ شخصية الأمة في عالم يشهد صراع الفكر والسياسة والهوية.
وتختص جامعة الإمام جعفر الصادق (ع) بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي الذي تقوم به في سبيل خدمة المجتمع المسلم والارتقاء به حضاريا، متوخية الإسهام في رقي الفكر، وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية وتزويد العراق والبلدان الإسلامية بالمتخصصين والكفاءات العلمية بما يلبي تطورات البلاد وتطلعاتها.
حسين بركة الشامي
رئيس مجلس الإدارة
